ذكريات لا تنسى

 
 
 

حدثت معجزة

 
 
 

أريد أن أحكي لكم أفضل وأروع ذكرى لي في مشهد المقدسة.
كان عمري 8 سنوات لمّا كنت في أحد الأيّام ألعب في الطريق مع ابنة الجيران. وما أدري كيف حدث أن صدمتني سيارة حمل. أبي وأمي نَقَلاني بسرعة إلى المستشفى. وعندما رجعتُ إلى الوعي وفتحت عيني لم أقدر أن أرى شيئاً! نعم، فقدت بصري بسبب ضربة السيارة. ولمّا ذكر الدكتور هذا لأمي اغتمّت كثيراً، وتوسّلت بالدكتور أن يفعل أي شيء من أجل عينيّ. لكن الدكتور قال:لا يمكن عمل شيء.. إلاّ إذا حدثت معجزة.
ولهذا بعد خمسة أشهر ـ حينما تحسّنت حالتي العامّة قليلاً ـ ألحَّتْ أمي على أبي أن نذهب إلى مشهد المقدسة لزيارة الإمام الرضا عليه السّلام؛ لأنّ أبي ما كان يقدر أن يأخذ إجازة طويلة من مكان عمله. وعلى أي حال.. وبعد الترجّي حصل أبي على إجازة لمدة أسبوع، وذهبنا إلى مشهد.
عندما وصلنا إلى مشهد.. استأجر أبي لنا غرفة. وضعنا فيها أغراضنا، ثم توجّهنا أنا وأبي وأمي كلّنا إلى حرم الإمام. كانت أمي قد ضمّتني إلى جانبها وهي تُدخلني إلى الداخل.
أنا ما كنت أرى، لكن أحسستُ أن الحرم كان كثير الازدحام؛ لأنّ أمّي ما أوصلتْني قرب ضريح الإمام الرضا عليه السّلام إلاّ بمشقّة وعناء. وهناك أخذتْ تبكي وتبكي، وبكيتُ أنا أيضاً. أمي كانت تخاطب الإمام بهمس وتقول باكية: أيّها الإمام الثامن، أريد منك شفاء ابنتي.
طيلة سبعة أيّام كانت أمي تُمسك بي وتدخلني إلى الحرم صباحاً وليلاً، متوسّلة بالإمام عليه السّلام لشفائي. ولمّا تمّ الأسبوع جاء وقت العَودة. لكن أمي ـ حتّى آخر اللحظات الباقية على رجوعنا من مشهد ـ كانت تبكي وتتضرّع.
ورجعنا من الزيارة إلى منزلنا... ورجع كلّ شيء كما كان قبل السفر: تبكي أمي عند الصلاة، وعندما تشتغل في المنزل، وفي كلّ مكان تكون فيه.. طالبةً شفائي، حتّى ضَعُفتْ ومَرِضتْ، فنقَلَها أبي إلى المستشفى. وفي المستشفى قال الدكتور: لازم تستريح ولا تنشغل بالهم، وإلاّ فإنّها تقضي على نفسها.
انقضت 3 سنوات في عذاب وألم. بعدها عزمنا على السفر إلى مشهد للمرة الثانية لزيارة الإمام الرضا عليه السّلام. واضطرّ أبي أيضاً إلى أخذ إجازة من عمله.. وبدأنا السفر.
وعندما وصلنا إلى مشهد.. شعرتُ أنّ كلّ مكان هنا ممتلئ بالعطر. في البداية استأجرنا مكاناً للسكن.. وقلت لأمي: ماما.. أريد أن أروح إلى الحرم الآن، فهل تأخذينني ؟
قالت أمي: طبعاً آخذك.
ثمّ ذهبتُ أنا وأمي إلى مرقد الإمام الرضا عليه السّلام.. حيث زُرنا. وهناك اتّخذتُ لي مكاناً قرب الضريح الطاهر.. وبدأتُ أبكي وأطلب من الإمام الرضا أن يشفيني. قلت: أيها الإمام الرضا.. لا ينكسر قلبي مرة ثانية.
بعد لحظات.. شعرتُ أنّ شخصاً يناديني ويقول: قُومي، أنتِ شُفيتِ.
لا.. لم أقدر أن أُصدِّق. لكن.. نعم، أنا شُفيت. عيوني التي فقدتُها قد عادت إليّ! آه يا ربّي.. ماذا أرى ؟! عيوني تنفتح! لقد تحقّق الأمل. أردت في هذه اللحظة أن أصيح وأقول: أيها الإمام الرضا، أيها الإمام الثامن.. أشكرك، أنا شاكرة لك. أنا الآن أرى كلّ شيء: أُمّي وأبي والناس والمكان والأطفال.. كلّهم كلّهم أراهم!
ثمّ صِحتُ: ماما.. ماما.. أنا أرى، أنا شفيت!
وعلى أثر صيحتي.. أسرعَتْ أمي إليّ وقالت: ما بِك يا ماما ؟! لماذا صِحتِ ؟!
لمّا قلت لها: إني شفيت، لم تصدّق. ثم أخذت تبكي من الفرح بكاء لا أستطيع وصفه. نعم، بعد 3 سنوات أشرق نور الأمل في عينيّ من جديد. وأتمنّى الشفاء لكل مريض.
هذه خلاصة لأفضل ذكرياتي التي لا أنساها أبداً. بالمعجزة بدأت حياتي من جديد والآن قد مرّت على هذه الواقعة العجيبة 3 سنوات.