ذكريات لا تنسى

 
 
 

عندما قبّلتُ العتبة

 
 
 

ذهبنا إلى مشهد: أنا وأختي وزوجها وابنتهما ليلى.تحرّكنا في حدود الساعة 30/6 عصراً. وكنت قد سمعت أنّ في طريق مشهد مناظر جميلة، وكنت أنتظر أن أراها. لكن من سوء حظي أنّا قد قطعنا الطريق في الليل.
وصلنا إلى مشهد حوالَي الساعة 6 صباحاً. نزلنا من السيارة الكبيرة وركبنا سيارة تاكسي لتوصلنا إلى فندق (حسين آقا) الذي كان معنا عنوانه. ولمّا وصلنا إليه وجدنا أن كل غرفهِ ممتلئة بالزوّار.. لكنهم في الفندق عرضوا علينا غرفة غير جيدة، نوافذها بدون زجاج.. فلم نوافق . ومشينا في السوق لا ندري أين نذهب، حتى دلّنا شخص على فندق آخر، فنزلنا فيه.
في الساعة 2 بعد ظهر نفس اليوم مشينا باتجاه الحرم للزيارة. كان قلبي يطير من الفرح. وشعرتُ حينما دخلنا الحرم كأنّ روحي تحرّرت من القفص، لأني ما كنت أصدّق أني أقدر أن أجيء لزيارة الإمام الرضا عليه السّلام. وعندما وصلنا إلى الحرم بقيتُ أنا مع أختي، وسيد محسن زوج أختي أخذ ليلى إلى داخل الحرم للزيارة.. ثم رجع.
وذهبت أنا. رأيت الحرم كثير الازدحام بالناس. إذا أدخل فقد أُداس في هذا الازدحام لكنّي لم أهتمّ بهذا، وتقدّمت. مددتُ ذراعَيّ إلى الإمام أحاول أن أجد طريقاً لي في وسط الازدحام. وفي تلك اللحظة وجدت طريقاً مفتوحاً، فتقدمت إلى الإمام. زرت ثم رجعت.. حتّى أنّ سيّد محسن قد تعجّب! عدّة أيّام كنت أذهب للزيارة والصلاة بهذه الصورة.
كانت الأيّام الأخيرة من وجودنا في مشهد. في آخر مرة ذهبت إلى الحرم للزيارة.. رأيت الناس يقبّلون العتبة أولاً. فكرّتُ أن أفعل مثلهم.. لكن اعتدادي بنفسي لم يسمح لي بذلك، فدخلت مباشرةً لأزور.. لكنّي مهما حاولت أن أزور ما قدرت، فوقفتُ على جانب وأخذتُ أنظر إلى الناس. في تلك الحال وقع نظري على رجل كبير السن يحاول أن يجد له طريقاً للزيارة بين جموع الناس، غير أنّه ما قدر.. وأخذ يبكي. وبرجاء طلب من الناس أن يفسحوا له طريقاً ليزور الإمام زيارة الوداع. احترق قلبي له، فتقدّمت وأردت أن أُقيمه من مكانه فما استطعت. وفي المرة الثانية قلت: «أيها الإمام الرضا» وقدرت أن أُقيمه.. فزار ومسح يده على الضريح. أنا نفسي تعجّبت: كيف أني ما قدرت في المرة الأولى أن أقيم الرجل المسنّ من مكانه! ونسيت أن أزور فرجعت. ثمّ تذكّرت أني ما زُرتُ، فعُدتُ إلى داخل الحرم. وعند الباب.. رأيت هذا الرجل نفسه يقبّل الأرض ثم نهض وذهب.
امتلأت عيني بالدموع، ونسيت كل شيء. وقعتُ أُقبّل العبتة وأنا أخاطب الإمام. طلبتُ منه أن لا يجعلني في حاجة إلى أحد، وأن يعطيني قدرة اُساعد بها الآخرين. ولمّا انتهبتُ على نفسي رأيت سيد محسن قد جاء قريباً مني وهو يقول: لماذا لا تأتي ؟! ومرةً أخرى نسيتُ الزيارة.
لكننا لم نحصل على بطاقة سفر للعودة بالسيارة، فرجعت مجدّداً إلى الزيارة. وهناك.. حَلَلتُ قطعة قماش صغيرة خضراء كانت أمي قد ربطتها حول يدي، وربطتُها بالضريح.. ورجعت.
بعد ظهر ذلك اليوم رجعنا إلى قم. لا أدري ماذا أقول.. لكنّي كنت مشتاقاً جداً للزيارة. أرجو الله أن يرزقني زيارة الإمام الرضا عليه السّلام من جديد، لأُعيد تلك القطعة من القماش الأخضر إلى يدي.