قصص عامة

 
 
 

تحدي الصعاب

 
 
 

جلستِ النَّملةُ الحكيمةُ في جُحرِها في أثناءِ بياتِها الشتويِّ - تقرأُ في كتابِ (تحدِّي الصِّعابِ)، وهي في انتظارِ تحسُّنِ الأحوالِ الجويةِ لتعودَ إلى حياتِها الطبيعيةِ.
مع بدايةِ فصلِ الرَّبيعِ الجميلِ، بدأَ الفيلُ الضَّخمُ الثقيلُ يطوفُ بالغابةِ, ليبحثَ عن الأعشابِ الخضراءِ الشَّهيَّةِ، وأوراقِ الأشجارِ الطريَّةِ. فداسَ الفيلُ - دونَ أن يدريَ بإحدى قدميه جُحْرَ النملةِ، فانهالَ الترابُ عليها فجأةً، فانزوتْ بسرعةٍ في رُكنٍ بعيدٍ.
فعمَّ الظلامُ والفوضى المكانَ، وبدأَ اليأسُ يتسلَّلُ إلى نفسِ النملةِ، لولا أنْ تذكرتْ ما قرأتهُ في كتابِها من حِكَمٍ و أمثالٍ على ألْسنةِ المغامرين الأبطالِ.
وفي الحالِ، تمالكتِ النملةُ نفسَها، واستجمعتْ قوتَها، وأخذتْ تنقلُ الترابَ من أمامِها لتضعَه خلفَها بدقَّةٍ ونظامٍ, حتى تشقَّ لها طريقًا للخروجِ بسلامٍ.
مرَّ الوقتُ بطيئًا، وثقيلًا في خُطاهُ، وبدأتِ النملةُ تشعرُ بالإرهاقِ والتعبِ، لكنَّها ظلتْ تقاومُ بعزيمةٍ وهمَّةٍ، وتتمسَّكُ بالأملِ بكلِّ قُوَّةٍ.
بعدَ قليلٍ، بدأتْ قطراتٌ من الماءِ تتسلَّلُ إلى المكانِ، فأفسدتِ الْمُتَبَقِّيَ لديْها من مخزونِ الطعامِ، فنوتِ النملةُ الصيامَ، وعاودتْ عملَها بهمَّةٍ و نشاطٍ.
مرَّ وقتٌ طويلٌ من العملِ دُونَ يأسٍ أو ملَلٍ، وهي صابرةٌ على ما تُعانيه من الصِّعابِ والألمِ، إلى أن تسلَّل إليها شعاعٌ من نُورِ الشمسِ, ليزرعَ في نفسِها - من جديدٍ - بُذورَ الأملِ.
فحمدتِ النملةُ ربَّها، وشكرتْ فضلَه، ثمَّ أسرعتْ تشقُّ طريقَها إلى النُّورِ فرحةً بنجاتِها من محنتِها، ومنطلقةً إلى دنياها الجديدةِ, لتستأنفَ حياتَها السعيدةَ.
وكانت فرحةُ النملةِ أكثرَ حينما عثرتْ على صديقاتِها وزميلاتِها فانضمَّتْ إلى سِرْبِ النَّملِ المتعاونِ, لتشاركَ في العملِ برُوحِ الجماعةِ.

وعندما تذكرتِ النملةُ كتابَها الذي لم تستطعْ أن تأخذَه معها حزنتْ جدَّا، ثم قالت: لا بأسَ! فسوف أقومُ بكتابةِ مذكراتي بناءً على تجاربِي و خبراتِي.
فاعمل وحاول ولا تقل فشلت.