شارع القصص

 
 
 

الفلاّحُ والغَيمة

 
 
 

عندما مَرَّتِ الغُيومُ فوقَ المَزارعِ الخَضراء، قالت غَيمةٌ لصديقِتها:
ـ ماذا تَنتَظِرين ؟ هَيّا رُشّي هذا الحقلَ بالمَطر.
أجابت الغيمة: ليس هُنا يا صديقتي. سوف أنتظِرُ الرِّيحَ لِتَحمِلَني إلى الحُقولِ البعيدة..
ـ ماذا ؟
قالت الغيمةُ متعجّبة، وأردَفَت:
ـ أنتِ تَقومينَ برِحلةٍ إذَن ؟
ـ نعم يا عزيزتي. هناك خَلفَ تلكِ الجبالِ حَقلٌ رائعٌ جداً. تعالَي لِنذهبَ معاً.
انطَلقَتِ الغَيمَتانِ في الفَضاءِ، ومَرَّتا فوقَ حُقولٍ كثيرة، وعَبَرتا تِلالاً عديدة.. وعندما صارَتا فوقَ القِمَمِ الشاهِقَة؛ لاحَت لهما حُقولٌ واسعةٌ جميلةٌ، يَتوسّطُها كوخٌ خَشَبيّ، فقالت الغيمةُ لصديقتِها:
ـ هذا كوخُ الفلاّح، صاحبِ الحقل، إنّه رجُلٌ طيّبُ القَلب، يعَمَلُ في هِمّةٍ ونشاط.
سألت الغيمة:
ـ وهذه الأكواخُ الصغيرةُ الثلاثة ؟
أجابت الغيمة:
ـ لهذا جئتُ إلى هنا، واختَرتُ هذا الحقل.
ـ ماذا ؟
ـ نعم يا صديقتي.. فعندما يَحينُ مَوسِمُ الحَصاد، يَجمَعُ الفلاّحُ مَحصولَهُ ويَخزِنُهُ في هذهِ الأكواخِ الصغيرة، كوخٌ له ولِعيالهِ، وكوخٌ يُوزّعُهُ على الفقراءِ والجِياع، والثالثُ يَدَّخِرُه لِبَذارِ المَوسمِ القادِم.
قالت الغيمةُ متأثّرة:
ـ إنه أكثرُ سَماحةً مِن كلِّ الغُيوم.
قالت ذلكَ، ثمّ راحَت تَهطِلُ مَطراً غَزيراً.