قصص عامة

 
 
 

مناسبة سعيدة

 
 
 

 

عاد أبي الى البيت مساء حاملاً علبة كبيرة ملفوفة بورق ملون بديع يلمع بقلوب حمراء وورود وأزهار..
أسرعت أنا وإخوتي نهتف بفرح رافعين أيدينا، يسبق أحدنا الآخر لكي يكون الفائز بالصندوق الكبير..
رفع أبي الصندوق فوق رأسه وألصق جسده بالحائط..
أمي كانت تجلس في غرفتها.. قفزت على صوت صياحنا وضحكنا..
انعطف أبي نحو أمي وهزّ الهديّة التي في يده برفق شديد، مشيراً بها نحو أمي...
أصابتنا خيبة.. فالصندوق هدية لأمي.. ولا تخصّ أحداً منا نحن الصغار...
فتحت أمي الهدية.. كان بها قلب كبير من الحلوى رسم عليه بيت من الفاكهة الممزوجة بالعسل..
كانت المناسبة سعيدة.. تخص أبي وأمي.. فقد مضى على زواجهما عشر سنين..
كنت أنا أكبر الأبناء.. عمري يقترب من تسع سنين.. ولدي أخت وأخ.. أختي عمرها سبع سنين ونصف السنة وأخي الصغير خمس سنين..
وضعت أمي قالب الحلوى اللذيذ على الطاولة الكبيرة.. أخرج أبي من جيب سترته شمعة بالرقم (10)، أشعل الشمعة، أطفأ النور.. وغنينا جميعاً.. لأمي وأبي.. كانت المرة الأولى التي يحتفل بها أبي معنا بالمناسبة.. قال إنها مناسبة مختلفة بسبب الرقم (10)..
سجلت التاريخ في مفكرتي.. وصرت أبادر للاحتفال بالمناسبة عاماً بعد عام.. أمي لم تعد تحسب الأرقام والأعوام.. لكنها على الدوام تظهر فرحتها بالرقم الذي يكبر كلما كبرنا وكبرت.. ذاكرة أبي باتت ضعيفة جداً.. حتى أنه لا يتذكر أسماء أحفاده.. لكنه لا ينسى يوم المناسبة..
فهي في قلبه مناسبة سعيدة تستحق قلباً كبيراً من الحلوى وبيتا من الفاكهة الممزوجة بالعسل..