قصص عامة

 
 
 

البقرة

 
 
 
كانت جدتي تملك بيتاً ورثته عن أبيها.. وهو بيت قديم من الطين..
كان لدى جدتي (محدلة) ضخمة لتسوية سطح البيت.. ومجرفة تجرف الثلج..
لكننا لم نكن نذهب أيام الشتاء إلى ذلك البيت القديم.. ونستغل العطلة الصيفية حيث تحرص جدتي على قضاء معظم أيام الصيف في هذا المكان..
وفي أحد الأيام.. ذهبت أنا وأمي وأخي الذي يكبرني بسنتين وأختاي الأكبر سناً..
وكنتُ شقياً.. إلى درجة تزعج جدتي فتقول لأمي: أحضري معك كل أولادك ولا تحضري هذا الصغير..
وكانت أمي تفهم الأمر بالعكس تماماً فأكون أول الحاضرين دائماً..
وفي ذلك اليوم..
ما أن وصلت إلى القرية البعيدة عن العاصمة..
خرجت على الفور الى ساحة القرية التي تقابل البيت مباشرة.. والبيت يقع وسط البلدة القديمة.. وبعد فترة قصيرة مرت بقرة بالقرب مني لسوء حظها.. كانت تمشي لوحدها متجهة نحو عين الماء لتشرب..
وكان هذا الأمر كثيراً ما يدهشني.. حيث تذهب الأبقار للشرب دون أن يقودها أحد.. وتعود إلى زرائبها بأمان وسلام.. دون أن تضل الطريق أو يسرقها أحد..
رأيت هذه البقرة العظيمة في حجمها وضخامتها.. ولست أدري ما دعاني لترصدها وانتظارها إلى حين عودتها من العين بعد شرب الماء..
وعندما عادت وقفت أمام البقرة أوجهها لتسلك طريقاً غير طريقها..
وكان الطريق إلى داخل بيت جدتي..
وكان البيت مفصولاً عن الساحة بمساحة طويلة تمتد لعشرة أمتار تقريباً.. تابعة للبيت، مسوّرة ولها مدخل خاص..
فوقفت أمام البقرة ولوّحت لها بيدي الاثنتين.. فدخلت البقرة مطيعة دون أن تعترض إلى باحة بيت الجدة العجوز..
وكان الجميع داخل البيت ..
فصارت أختي الكبرى تصرخ من هول المفاجأة.. ورمت بنعالها نحو البقرة حتى تمنعها من دخول البيت..
البقرة المسكينة أخافها الصراخ أو النعال – لست أدري – فلم تتجه نحو البيت والتفتت نحوي..
عندها خفت من نظراتها.. وابتعدت عن طريقها.. فسارت بهدوء إلى خارج المنزل.. تتحرك بتناسق عجيب.. وطمأنينة وكأن شيئاً لم يحدث..
وعادت من حيث قطعت عليها الطريق..