قصص عامة

 
 
 

ليس للكذبِ ألوانٌ

 
 
 

دخل الأبُ للمنزل مُمسكًا في يدِه حقيبةً بلاستيكيَّةً مملوءةً بالتُّفاح.هُرِعَ ممدوحٌ الصَّغيرُ لوالدِه هاتفًا: تفَّاحٌ.. تفَّاح.. شكرًا يا أبي.
ارتسمتِ ابتسامةٌ واسعةٌ على شفاهِ الأبِ وهو يقول: أعلمُ أنَّك تحبُّ التفاحَ كثيرًا. وهنا قالتِ الأمُّ: ولكنِّي الآنَ سأحفظ التفاح حتى نتناولَ غداءَنا وبعدها يأخذ كلٌّ منَّا نصيبَه من التفاح.. لَا تنسَ بقيَّةَ أخوتِك يُحبُّون التفاحَ مثلك.
وضعت الأمُّ التفاح بالمطبخِ بينما أخذتْ تُجهِّز طعامَ الغداء بانتظارِ بقيَّة أولادِها يعودون من المدرسة، وبينما الأمُّ منهمكةً في إعدادِ الطَّعام تسلَّل ممدوحٌ الصَّغيرُ بهدوءٍ وفتح كيسَ التفاح وأخذ تفَّاحتين ثمَّ أسرع لحجرتِه وأغلقها خلفَه وأخذ يأكل التُّفاحتين بنهمٍ شديدٍ.انتهت الأمُّ من تجهيز الطعام وفي الوقتِ نفسِه وصل صغارُها من المدرسة وجلسوا جميعًا يتناولون طعامَ الغداء، وهُنا قال محمود لأخوتِه: ألَا تعلمون أنَّ أبي أحضر لنا تفاحًا؟
فرح أخوتُه كثيرًا ونظروا لأبيهم قائلين: حقًّا يا أبي.. هل اشتريتَ تفاحًا لنا اليومَ؟
أجابهم أبوهم بحبٍّ: اشتريتُ لكم أجمَلَ وألذَّ تفاحٍ في السوق.. سنأكلُه عقبَ الغداء. وبالفعل عقب الغداء نهضتِ الأمُّ لتحضرَ كيسَ التفاح وما أن وقعتْ عيناها على الكيس حتى لَاحظتْ أنَّه مفتوحٌ وليس بالشَّكلِ الذي وضعتْه به، كانتْ هناك تفَّاحتان كبيرتان في أعلى الكيسِ أين ذهبتا؟حملتِ الأمُّ الكيسَ وعادتْ لحجرِة المعيشةِ تسألُ زوجَها: هل أخذت تفاحًا من الكيس؟
أجابها زوجُها بصدقٍ: كلاَّ بالطَّبع.. لقد اتَّفقنا أن نأكلَ التفاحَ بعد الغداء.
نظرت الأمُّ لصغيرِها ممدوحٍ نظرةً خاصَّةً وهي تقول: هل أخذتَ تفَّاحتين من الكيسِ يا ممدوحُ؟
تلَعْثمَ ممدوحٌ وهو يُجيبها قائلاً: لا.. لا لم آخُذْ.
حدجتْه أمُّه بنظرةٍ صارمةٍ وهي تقول: لا تكذبْ يا ممدوح.. كنْ صادقًا كي لا يُعاقبَك اللهُ.
انفجر ممدوحٌ باكيًا وهو يقول: أنتم تعلمون حبِّي للتفاح.. لقد كذبْتُ كِذبةً بيضاءَ صغيرةً وأعترفُ الآن بهذه الكذبةِ البيضاءِ.. أنا مَن أخذ التفاحَ.
ظهر الغضبُ على وجهِ الأمِّ وهي تقولُ: الكذبُ هو الكذبُ.. لا يُوجد كذبٌ أبيضُ وكذبٌ أسودُ.. هل فهمتَ؟
أجابها ممدوح في ندمٍ: فهمتُ يا أمِّي.. وأعدُكِ ألَّا آخُذَ شيئًا دون علمِك مرَّةً أخرى وألَّا أكذبَ أبدًا.وهنا سامحتْه أمُّه ومنحتْه تفاحةً حمراءَ كبيرةً.