أبطال كربلاء

 
 
 

الحرّ بن يزيد الرياحي

 
 
  وصلت رسالة من مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين عليه السلام قبل أن يقتل بسبعةٍ وعشرين يوماً، وفيها الرد الذي انتظره الإمام الحسين قبل التوجه إلى الكوفة مع قيس بن المسهر، وفيها:
"أما بعد، فإن الرائد لا يُكذّب أهله إن جمع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام..".
وعلى ضوء رسالة مسلم عقد الإمام عليه السلام عزمه على التوجه إلى الكوفة، وقد كتب إليهم رسالته الثانية يقول فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو (أمّا بعد) فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا سألت الله أن يحسن لنا الصنيع وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإنّي قادمٌ عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
أقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام، وكان ابن زياد لما بلغه مسير الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن تميم صاحب شرطته حتّى نزل القادسيّة ونظّم الخيل ما بين القادسيّة إلى خفان وما بين القادسيّة إلى القطقطانة وإلى جبل لعلع، قال الناس: هذا الحسين يريد العراق فلما أنهى قيس إلى القادسيّة اعترضه الحصين ابن تميم ليفتّشه فأخرج قيس الكتاب وخرقه فحمله الحصين إلى ابن زياد فلما مثل بين يديه قال له: من أنت؟
قال أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه.
قال: فلماذا خرقت الكتاب؟
قال لئلا تعلم ما فيه.
قال: وممّن الكتاب وإلى من؟
قال: من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.
فغضب ابن زياد وقال: والله لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه وإلا قطعتك إرباً إرباً.
فقال قيس: أمّا القوم فلا أخبرك بأسمائهم وأمّا سبّ الحسين وأبيه وأخيه فأفعل (وكان قصده أن يبلّغ رسالة الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة).
فصعد قيس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وأكثر من الترحّم على عليّ والحسن والحسين ولعن عبيد الله بن زياد وأباه ولعن عتاة بني أميّة ثمّ قال: أيّها الناس إن هذا الحسين بن عليّ خير خَلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا رسوله إليكم وقد خلّفته بالحاجز فأجيبوه.
فأمر به ابن زياد فرمي من أعلى القصر فتقطّع فمات، فبلغ الحسين عليه السلام قتله فاسترجع واستعبر بالبكاء ولم يملك دمعته، ثم قرأ:
﴿فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً﴾.
ثم قال عليه السلام:
"جعل الله له الجنّة ثواباً اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك إنّك على كلّ شيءٍ قدير".