أبطال كربلاء

 
 
 

هاني بن عروة المذحجي المرادي

 
 
 

وهو رجلٌ من أشراف قومه، ومن خواصّ أمير المؤمنين (ع)، كان شديدًا في ولائه له، وقد شهد حروب الإمام الثلاثة، الجمل وصفين والنَّهروان، وقد أدرك هاني النبي (ص) وتشرف بصحبته، وهو من قُرَّاء الكوفة، وكان زعيمًا لقبيلة مراد وتحت لوائه أربعة آلاف فارس، وثمانية آلاف راجل، وإذا انضم إليهم حلفاؤهم من قبيلة "كندة" صار تحت إمرته ثلاثون ألفا.

وأما الموقف البطوليّ الذي وقفه هاني فهو يخبرك عن صِدق إيمانه وثبات عقيدته، فعندما دبَّر عمرو بن الحجاج وأسماء بن خارجة ومحمد بن الأشعث المؤامرة على هاني وأخذوه إلى ابن زياد بعد أن قالوا له: "لماذا لا تزور الأمير بن زياد؟"، فقال: "أني مريض"، فقالوا: "إنَّ الأمير يعلم أنَّك قد تماثلت للشفاء وأن الأمير لا يحتمل جفاءك"، فأقنعوه لزيارة أبن زياد فركب معهم، فلما وصل إلى ابن زياد قال لهم المجرم: "أتتك بخائن رجلاه" ثم قال: "إيهٍ يا هاني، أتيت بمسلم بن عقيل إلى دارك وجمعت له السلاح"، فأنكر هاني ذلك، فأحضر ابن زياد أحد الجواسيس الذين كانوا يدخلون إلى دار هاني ويخرجون ويعلمون بأخبار سيدنا مسلم بن عقيل، وكان اسم الجاسوس معقل فلما رآه هاني قال لأبن زياد: "لقد جاء من هو أحقُّ بالأمر منك ومن صاحبك فاذهب أنت وأهل بيتك إلى الشام سالمًا بمالك وما عندك". فقال ابن زياد: "والله لا تفارقني حتى تأتيني بمسلم"، فقال له هاني: "والله لو كان مسلمٌ تحت قدمي ما رفعتها عنه"، فهدَّده ابن زياد بالقتل وضرب وجهه بالسوط حتى كسر أنفه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته ثم حبسه، ولكن هانئًا ظلَّ صامدًا ثابتُا على العهد حتى قتله المجرم بن زياد عليه لعنة الله.