هو الحرُّ بن يزيد بن ناجية الرياحي من تميم كان من أشراف العرب ووجوهها ومن شجعان المسلمين أرسله عبيد الله بن زياد والي الفاسق يزيد بن معاوية على الكوفة لقيادة ألف فارس ليصدّ الإمام الحسين (ع) عن الوصول إلى الكوفة، فوقف هو ورجاله مقابل الإمام وأصحابه في حرّ الظهيرة، فقال الحسين (ع) لأصحابه: "اسقوا القوم وارووهم من العطش"، فلما حضر وقت الصلاة قالوا للمؤذن: "أقم الصلاة"، فأقام الصلاة، عند ذلك قال أبو عبد الله (ع) للحرّ: "أتريد أن تصلي بأصحابك؟" فقال الحر: "لا بل تصلي أنت ونصلي معك"، فصلى بهم الإمام (ع) ثم انصرف الحرّ إلى خيمته.

ولما حان وقت العصر أمر الحسين (ع) أصحابه بالتهيؤ للرحيل بعد أن صلى بهم، فقال لهم الحر: "لقد أمرنا أن نأخذكم إلى عبيد الله بن زياد"، فقال الحسين (ع): "الموت أدنى إليك من ذلك، فقال لأصحابه: "قوموا واركبوا"، فقال لهم الحر:"عليكم ألا تختاروا الذهاب إلى الكوفة ولا الرجوع إلى المدينة".

وعندما تجمع جيش أهل الكوفة لمقاتلة الإمام الحسين (ع)، في كربلاء يوم العاشر من محرم قال الحر لعمر بن سعد قائد الجيش: نعم نقتلهم جميعاً، فأخذ الحرّ يسير نحو معسكر الحسين (ع) فقال له صاحبه: "هل تريد أن تهجم على معسكر الحسين؟"، فسكت الحر، فقال له صاحبه: "إنك ترتجف وأنت أشجع أهل الكوفة فماذا حدث لك؟" فأجابه الحر: "إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار ولن أختار على الجنة شيئًا أبدًا، ثم قاد فرسه ولحق بالحسين (ع) وأصحابه وحين وصل إليهم قال: "اللهم إليك تبت فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك"، ثم قال للحسين (ع): "جعلني الله فداك يا بن رسول الله لقد منعتك من الرجوع وإني جئتك تائبًا حتى أموت بين يديك أفترى لي من توبة؟" فقال له إمامه الحسين (ع): "نعم يتوب الله عليك ويغفر لك".

وكان الحرّ حينما خرج من الكوفة سمع هاتفا يقول: "يا حر أبشر بالجنة". فقال في نفسه: "ويل للحر يخرج ابن رسول الله ويبشر بالجنة؟!"، فلما انتقل إلى جبهة الحسين (ع) عرف الكرامة التي سيقت له ووقف يخاطب جيش عمر بن سعد قائلاً: "هل تريدون قتال الحسين (ع) وأصحابه ومنعهم من الماء لا سقاكم الله يوم الظمأ". وقاتلهم قتال الإبطال وقتل جمعًا منهم حتى كثرت عليه السهام فسقط على الأرض فجاءه أصحابه وحملوه إلى الحسين (ع) فأخذ يمسح الدم والتراب من وجهه وقال له: "أنت حرّ كما سمتك أمك، وأنت الحرّ في الدنيا ولآخرة"، وهكذا استشهد في معركة كربلاء مع الحسين (ع) وأصحابه الكرام عام 61هـ (رضوان الله تعالى عليه).